ازدهار المنشآت الصغيرة السعودية- رؤية ريادية لخلق فرص عمل инновационные

المؤلف: أحمد الجميعة10.25.2025
ازدهار المنشآت الصغيرة السعودية- رؤية ريادية لخلق فرص عمل инновационные

تعكس الأرقام قفزة هائلة في أعداد المنشآت الصغيرة والمتوسطة بالمملكة العربية السعودية، إذ ارتفعت من 429 ألف منشأة في عام 2016 لتتجاوز 1.3 مليون منشأة في عام 2024. هذا النمو الملحوظ يعتبر إنجازاً باهراً للخطط والمبادرات الوطنية التي تزامنت مع إطلاق رؤية 2030 الطموحة. ويعكس هذا النجاح التكامل الفعال بين القطاعات الحكومية والخاصة وغير الربحية، مما ساهم في تحقيق الهدف الاستراتيجي المتمثل في جعل هذه المنشآت دعامة أساسية للاقتصاد ومصدراً حيوياً لنموه وازدهاره المستدام.

نحن اليوم على قناعة تامة بأهمية تنمية جيل جديد من القادة الرياديين المفعمين بالشغف والتفكير الابتكاري، القادرين على إيجاد فرص عمل مبتكرة بدلًا من مجرد البحث عنها. هذه القناعة الراسخة تتطلب تمكيناً أكبر في المرحلة المقبلة، وينطلق هذا التمكين من الجامعات التي تستقطب العقول الشابة بطموحات وآمال متنوعة نحو المستقبل، وتسعى إلى اكتشاف مشروعات نوعية تلبي احتياجات السوق والمجتمع على حد سواء.

ومع ذلك، وبالرغم من وجود مراكز ومعاهد متخصصة في ريادة الأعمال داخل الجامعات، وكليات إدارة تحمل اسم إدارة الأعمال، وهي جهود مقدرة ومشكورة لإسهامها في تحقيق أهداف الرؤية، إلا أن الواقع يشير إلى أن النتائج والأرقام لا تزال دون المستوى المأمول ومتواضعة مقارنة بتجارب جامعات أخرى على الصعيدين الإقليمي والدولي، وكذلك مقارنة بحجم الشراكات المثمرة التي تعقدها العديد من الجهات الحكومية والخاصة لتعزيز الطلب على الأفكار الريادية وتوفير التمويل اللازم لها، وغير ذلك من أوجه الدعم.

أرى أن فكرة التوفيق بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل تتطلب إضافة بُعد آخر يتعلق بريادة الأعمال. فالجهود المضنية التي بذلت في سبيل دمج وإلغاء وتقنين التخصصات الأكاديمية التي لا يحتاجها سوق العمل لا تزال غير كافية لتحقيق الغاية المرجوة، ويتضح ذلك جلياً من خلال أعداد الخريجين الذين يعملون في وظائف لا تتناسب مع تخصصاتهم، والتحديات التي تواجههم في الحصول على الوظيفة الأولى، بالإضافة إلى برنامج «تمهير» الذي يواجه صعوبات جمة في استيعاب الأعداد المتزايدة من الخريجين لتأهيلهم، وحجم الطلبات المتزايدة.

لذا، أقترح تحويل جميع المعاهد والمراكز المتخصصة في ريادة الأعمال في الجامعات إلى كليات متخصصة في هذا المجال الحيوي، وإقامة شراكات استراتيجية بين هذه الكليات وهيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وبنك "المنشآت"، وبنك التنمية الاجتماعية، وغيرها من الجهات ذات الصلة، على أن تكون هذه الشراكات نوعية ومثمرة في التخطيط والتنفيذ، وليست مجرد اتفاقيات تفاهم أو تعاون محدودة كما هو سائد في الوقت الحالي.

ولتطبيق هذا المقترح على أرض الواقع، لدينا تجربة فريدة ومتميزة يمكن للجامعات الاستفادة منها والبناء عليها، وهي كلية الأمير محمد بن سلمان للإدارة وريادة الأعمال، التي تعتمد نهج كلية بابسون المتميز في تعليم ريادة الأعمال من خلال التركيز على التعلم التجريبي العملي، وتقديم مجموعة من المقررات التجريبية المتميزة التي تمكن الطلاب من تطبيق ما يتعلمونه على التحديات الواقعية التي يواجهونها في حياتهم، والشروع في ابتكار مشاريع اجتماعية أو تجارية جديدة ورائدة للتغلب على تلك الصعوبات.

إن تبني هذا المقترح سيؤدي خلال سنوات قليلة إلى إنشاء جامعة متخصصة في ريادة الأعمال بالشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص والقطاع غير الربحي، بل وقد يمتد ليشمل إنشاء أكثر من جامعة في مناطق مختلفة، أو تحويل جامعات قائمة بالفعل إلى هذا التوجه المتخصص في ريادة الأعمال. فالهدف الأسمى هو إيجاد فرص عمل واعدة في سوق العمل للمساهمة في تحقيق مستهدفات خفض معدل البطالة في المجتمع، وتمكين الخريجين وتحويلهم من باحثين عن وظائف إلى صانعين وموجدين لها من خلال مشروعاتهم الريادية المبتكرة.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة